مـنـتـديــات حـضـانــة مـيـســـون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الطالب الجامعي والمسؤولية الفكرية

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

الطالب الجامعي والمسؤولية الفكرية Empty الطالب الجامعي والمسؤولية الفكرية

مُساهمة من طرف صفي الرحمان الخميس 6 نوفمبر 2008 - 22:50

الطالب الجامعي والمسؤولية الفكرية:
يمكن إرجاع الكثير من المشاكل التي تعاني منها الأمة الإسلامية إلى نوعية الثقافة المستشرية والمتغلغلة في نفوس أبناء الأمة، والإنسان كما هو معروف ابن بيئته؛ فإذا أردنا النهوض والانطلاق إلى الأمام فإن علينا انتهاج ثقافة العطاء والتحدي. وعلينا أيضاً التخلي عن الثقافات التي تقف حائلاً أمام ذلك النهوض.
وهنا يكمن الدور الهام الذي يتحتم على العناصر الفاعلة والمثقفة وخصوصاً خريجي الجامعات الأكاديمية القيام به على أكمل وجه وأحسن صورة ممكنة، فهم مكلفون بعملية نشر الثقافة الناهظة التي تسهم في رفع مستوى الوعي في الأمة وتبشر في الوقت نفسه بالفكر الرسالي الخلاّق من منطلق "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".

لكن، هل بإمكانهم القيام بهذا الدور في عملية تكامل مع علماء الدين؟
هذه الإشكاليات التي أرغب في الإجابة عن بعضها. لعلّ المتتبع لواقع ومنهجية الطلبة الجامعيين في مجتمعنا يلاحظ أن الكثير منهم قد اعتاد الانسحاب من ميادين الحياة، فالأغلب لا يفكر إلا في معيشته ودنياه سواء الطلبة الذين لا يزالون في مرحلة الدراسة، أو المتخرجون الذين أصبح بعضهم يشغل وظائف تعليمية في المدارس، أو أعمالاً حكومية أخرى.. إن جُـل أولئك لا يرى من قبلهم اهتمام بعمل الدراسات والبحوث التي تخدم أهداف الأمة وتطلعاتها، في حين يفترض أن يكون الطالب الجامعي صاحب رسالة وباحثاً يسعى لخدمة المجتمع!
فالواحد منهم يكتفي بالبحوث (النقلية !!) التي يقدمها لأستاذ المادة خلال دراسته الجامعية، وبعد التخرج لا يهمه شيء اسمه (بحث علمي !!)، وكأن الطالب الجامعي ليس معنياً في عملية النهوض والرقي التي تسعى إليها الأمة الإسلامية.
وهذا يعتبر نوعاً من اللامبالاة الاجتماعية من قبيل: "عدم اهتمام الناس في البحث العلمي، العزوف عـن طلب مادته، أو تقبل نتائجه إذ تتلاشى في مجتمعنا الآن قيم العلم عطاء وتقبلاً، أمام سطوة القيم المادية، قيم الامتلاك والاستهلاك، والانفتاح ومحاولات الإثراء السريع، ويتحول التنافس إلى تنافس على الوظائف والمال والأعمال وليس العلم والإنتاج والإنجـاز (وليس من النادر أن نجـد عندنا من يتفاخر بالقول، مثلاً "الحمد الله على قلة العلم!" أو" الشهادة اليوم ما تطعم صاحبها خبز!") ويتضافر ذلك الاعتقاد مع مواقف وسلوكيات مماثلة تجاه العلم في المجتمع.
وهذه بالطبع بعض مكونات الثقافة المجتمعية العامة التي تتغذى منها، وتغذيها في الوقت ذاته، في إعاقتها للعلم أو معاداته" (1).

من المسؤول؟
فعلى من تقع مسؤولية انتشـال الأمة الإسلامية من هذا الواقع وغربلة الثقافة الإسلامية مما علق بها من الثقافات الجاهلية التي امتزجت بها، حتى أصبح البعض لا يستطيع أن يفرق بين ما هو من الدين وبين ما هو مخالف للدين؟!!
قد يظن البعض أن هذه المسؤولية تقع على عاتق علماء الدين الأفاضل فحسب، إلا أن هذا ليس دقيقاً؛ فالمسؤولية تقع على طلبة الجامعات أيضاً، فطالب الجامعة هو كذلك مسؤول عن تلك الأوضاع في حدوده، ووفقاً لطاقاته، وإمكاناته المتاحة.
وفي حالات كثيرة ربما يكون الأستاذ أو طالب الجامعة قريباً من الحدث أو المشكلة أكثر من غيره، بحكم قربه من الطلبة في المدارس أو في الجامعات حيث كان طالباً هناك، فتقع بالتالي عليه المسؤولية بصورة أكبر، فيكون مسؤولاً عن إيجاد الحل والعلاج لتلك المشاكل.
فمثلاً، عندما يلاحظ الطالب الجامعي، وهو يُدّرِس في مدرسته أن البعض من الطلبة لا توجد عندهم الرغبة في القراءة والمطالعة، فهو مطالب حينها بالبحث عن الأسباب والعوامل التي تمنعهم عن القراءة، وبالتالي يسعى لحل تلك المشكلة من خلال إيجاد الطرق الملائمة التي تحفزهم وترغبهم في القراءة.
ومثال آخر: على الطلبة الجامعيين البحث في مسألة السلوكيات والأخلاقيات الفاسدة التي نلمحها في بعض طلبة المدارس وهم الفئة الذين تعقد عليها الآمال.
فمن هو- كما يفترض - الأقدر على تشخيص المرض هنا ليقترح العلاج لهذه المشاكل، والتي تكون عادة خاصة بعالم المدرسـة، أهو (عالم الدين) فقط، وفي جميع الأحيان، ومختلف الحالات!! أم (المدرس) الذي يعيش بين طلابه ومشاكلهم؟!.
وهناك الكثير من القضايا والأمور.. الثقافية والاجتماعية… هي بحاجة إلى من يبحث لها عن حلول ومعالجات، فلا يجب أن يغفل عنها الطلبة وكأنهم غير مسؤولين؛ خاصة إذا كانوا هم الأقرب إليها والأقدر على معالجتها.

ندرة الإنتاج الفكري لماذا؟
الراصد لحركة التأليف والنشر في مجتمعنا يلاحظ قلة إن لم نقل عدم وجود اهتمام لدى الطلبة في مجال (الكتابة والتأليف) من قبل الأكثرية. فالإنتاج الفكري لهم يكاد أن يكون شبه معدوم، اللهم إلا محاولات محدودة تعد بإصابع اليد الواحدة.
فهل ذلك لضعف في المستوى الثقافي والفكري؟
أم لعدم الثقة بالنفس، والخوف من الفشل حين الإقدام على العمل؟
وللإجابة، أقول: صحيح أن الكثير من الطلبة لا ينمون في أنفسهم كفاءة العطاء والإنتاج الثقافي والفكري.. فهم أساساً لا يمارسون عـادة القراءة التي أمر بها الشـرع المقدس، ليمارسـوا بالتالي عملية الكتابة التي هي الابن الشرعي (للقراءة)، ففاقد الشيء لا يعطيه!
بالرغم من وجود تلك المشاهد الغير مبالية من قبل البعض إلا "إن الطلبة الذين يدرسون في الجامعات والكليات يبلغون سن الرشد، ويتمتعون بالنضوج والوعي، ويستطيعون أن يميزوا الخبيث من الطيب، والخير من الشر. وإن التعليم الذي يحصلون عليه بإمكانه كذلك أن يجعلهم يعرفون شخصياتهم إن أرادوا، ويشقون الطريق إلى الأمام إن نهضوا" (2).
فمن خلال معايشتي للوضع القائم في الجامعات ولقائي بشريحة لابأس بها من الطلبة، رأيتُ مجموعة تحمل مستوى ثقافياً ونضجاً فكرياً؛ فلا تنقصهم الكفاءة العلمية، ولا هم يعيشون الضعف الثقافي والفكري، إلا أن بعضهم يفتقرون للثقة بأنفسهم وقدراتهم العلمية، فهم يخافون من الفشل حين الإقدام على العمل!!
فالبعض منهم يكتب المقالات والبحوث الجيدة إلا أنه إما يحتفظ بها لنفسه في الغالب! أو يوزعها على بعض معارفه، ولا يفكر في طباعتها ونشرها! وبالتالي ليستفيد منها أبناء المجتمع، وربما يكون من جملة الأسباب هو خوفه من (الانتقاد لا النقد) الذي سوف يتعرض له من قبل بعض رجالات المجتمع الذين أبدعوا في فن التثبيط!
وهذه في الواقع حالة غير صحية، فـ (إذا هبت أمراً فقع فيه!) كما يقول الإمام علي (عليه السلام). فيفترض أن يكون لدى الطالب إقدام وشجاعة ولا يحسن فيه أبداً التردد والخوف وعـدم الثقة بالنفس.
وليتساءل: هل أن الآخرين أفضل منه ؟
أم أنهم يمتلكون عقولاً تختلف عن عقله؟
فإننا على الصعيد العربي والإسلامي نلاحظ أن الكثير ممن تخرجوا من الجامعات قد أثروا المكتبات بإنتاجهم الثقافي والفكري، وهي مزدحمة بكتبهم وإنتاجهم المتواصل، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر:
( 1 ) مالك بن نبي: مفكر إسلامي مشهور، عاش في الفترة ما بين 1905 ـ 1973م في الجزائر، ولقناعته الراسخة وإحساسه العميق بأهمية وفاعلية العمل الفكري استقال في عام 1967م من منصبه، حيث كان مديراً للتعليم ليتفرغ للعمل الفكري، ويعطي من جهده الخلاّق خدمة لهذا الحقل ذي الأثر الواضح في نهضة أي أمة من الأمم في بناء الحضارة (3).
( 2 ) محمد إقبال: "ولد في البنجاب شمال الهند سنة 1873م، ووافاه الأجل في 21 أبريل من عام 1937م، وقد تميز بموهبة عالية في أدب الشعر وولع بالفلسفة ونصب عمله في الميدان الثقافي اعتقاداً منه بضرورة التجديد الثقافي والتركيز على الفكر، فيقول: إننا نحن المسلمين نواجه عملاً ضخماً، إن واجبنا أن ننظر في الإسلام من جديد بصفته نظاماً فكرياً من غير أن نقطع صلتنا عن الماضي " (4).
وغيرهم الكثير.

الثقة بالنفس ضرورة:
لكي يكون الإنسان منتجاً معطاءً مبدعاً، عليه أن يثق بنفسه، وما رام امرؤ شيئاً إلا ناله أو ما دونه. فعلى الطالب أن لا يقلل من مستواه ومن قدراته الجبارة، فلو أزال الغبار عنها لأعطى لنفسه ولأمته الكثير، وعليه أن يتذكر أنه يمتلك أعظم نعمـة في الوجود، وهي نعمة العقل، الذي ما خُلق خَلق أحب للرحمن منه، وكما نسب للإمام علي(عليه السلام) قوله:

أتحسب أنك جـرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر

والكل يعلم بأن (مشوار الألف ميل يبدأ بخطـوة)، فإذا عزم الطالب على الخوض في غمار هذا الطريق (طريق الكتابة والتأليف)، فليبدأ خطوة خطوة، والحكمة العربية تقول: (لكل شيء آفة وللعلم آفات، وعلى المتعلم أن يتحدى كل الآفات)؛ فالطالب إذا كان جاداً ومثابراً فإنه سيصل إلى مبتغاه حتماً، خاصة إذا تذكر وهو في مسيره أن الكثير من الكتّاب الكبار إن لم يكن أكثرهم قد ساروا في طرق مليئة بالأشواك في بداية حياتهم، إلا أنهم اجتازوا ذلك بعزم وإصرار وإن خيل للبعض أنهم قد كانوا يسيرون في طرق مليئة بالورود.
فإن أراد الطالب الجامعي أن يخدم أمته ويقدم لها الكثير من العطاء، فيجب عليه أن لايبخل بوقته بل يكثف من ساعات قراءاته واطلاعه في مختلف الجوانب والحقول، حتى تتكون لديه حصيلة ثقافية وفكرية، ومن ثم يستطيع أن يكتب وبكل سهولة.
وفي هذا الشأن أتذكر أبياتاً للشاعر (أحمد الصافي النجفي) يقول فيها:

لقد كان بي في الأمس نهم قراءة كأني ظمآن إلى المنهل الجـاري
فأصبحت خصماً للكتاب كأنني رويت وهذا يوم إعطـاء أثماري

فيمكن للطالب في بداية الأمر كتابة المقالات الصغيرة - وهو حتماً قد درس كيفية إنجازها - حتى يشارك بعد في كتابة البحوث والدراسات الهامة التي تخدم أهداف الأمة وتطلعاتها، وهذا ليس حلماً أو خيالاً {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 39]، وقد سمعنا وقرأنا عن البعض وكيف كانت محاولاتهم الأولى، وكيف أصبحوا بعد ذلك.
واستطراداً أقول: ينبغي أن يكون هناك تفكير جاد من قبل أبناء المجتمع بهذا الخصوص، ولو كنت أمتلك الجرأة لقلت هنا: حرام أن يمضي الواحد منا عن هذه الحياة الدنيا دون أن يخلف وراءه (ورقة علم) ينتفع بها بعده! مع أن الحديث الشريف برواية أنس بن مالك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : "المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة ستراً فيما بينه وبين النار" (5).
وقد ورد نفس المعنى في كلمة للإمام علي (عليه السلام) يقول فيها: "إذا مات مؤمن وترك ورقة واحدة، عليها علم كانت تلك الورقة ستراً بينه وبين النار" (6).
نعم، يلزم على الإنسان أن يثق بنفسه وينـزل للحلبة وسيجد من يصفق له أثناء المباراة، بل سيجد من يشجعه على الدخول إلى الحلبة، ولن يَقبل منه أن يكون بعيداً عن الميدان!
من الأشياء اللطيفة التي وجدتها أثناء كتابتي لهذه الأسطر ما ذكره سماحة الشيخ (حسن موسى الصفار)، في أحد بحوثه، حيث يقول: "لقد عاصرت في سن مبكرة من حياتي عالماً تقياً في بلادي القطيف، هو المرحوم الشيخ فرج العمران (1321/ 1398هـ) وكنت أسمعه يوجه اللوم والعتاب على أي عالم تنقضي حياته دون أن يترك أثراً أو مؤلفاً!! حتى أنه كتب ترجمة لأحد علماء بلادنا الماضين هو المجتهد المرحـوم الشيخ محمد النمر (1277/1348هـ) كان كفيف البصر، وضّمن عتابه على الشيخ النمر لأنه لم يخلف أثراً علمياً، مع أنه كان مكفوفاً وكانت حياته عامرة بالنشاط الاجتماعي" (7).
ألا يجد القارئ في ما ذكر تشجيعاً على الكتابة والتأليف وهو يمتلك عيوناً تخترق الجبال!!
"بالطبع فإن القيام بدور التوجيه الفكري للأمة يستلزم الرصد والمواجهة، للأفكار والتيارات المضادة والمنحرفة والتي قد تغزو الأمة من الخارج، أو التي تنشأ في أوساط المجتمع نتيجة جهل أو سوء فهم أو نزعات مغرضة" (Cool.
فالأعداء - أعداء الإسلام - قد سخروا كل ما يملكون من إمكانات هائلة من أجل نصب شباكهم لاصطياد شبابنا عبر الأقمار الاصطناعية والإنترنت، وغيرها من وسائل الإعلام التي تبادر مسرعة في نشر الميوعة والانحلال والضلالة!
إن إنقاذ الشباب وأبناء الأمة من الانحراف مع ذلك التيار يستدعي برامج عمل وتثقيف ونشر للمعرفة والوعي على أوسع نطاق ممكن، من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
فلكي تتم عملية احتوا هؤلاء الشباب، على أبناء المجتمع وخاصة طلبة الجامعات الذين هم محل بحثنا؛ أن يتمسكوا بـ (رسالة القلم)، تلك الرسالة العظيمة التي أقسم الله بها في كتابه الكريم حيث يقول تعالى: {ن والقلم وما يسطرون}[القلم: 1]..فلماذا يبخل الطلبة الجامعيون في مجتمعنا عن إيصال الثقافة الإسلامية إلى جماهير الأمة المتعطشة إلى أقلامهم، والمتلهفة لاستماع أحاديثهم.
صفي الرحمان
صفي الرحمان

عدد المساهمات : 39
تاريخ التسجيل : 05/11/2008
العمر : 35

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الطالب الجامعي والمسؤولية الفكرية Empty رد: الطالب الجامعي والمسؤولية الفكرية

مُساهمة من طرف Amdj4882 الثلاثاء 18 نوفمبر 2008 - 17:32

الطالب الجامعي والمسؤولية الفكرية 05910
Amdj4882
Amdj4882
مديـر المنــتـدى
مديـر المنــتـدى

عدد المساهمات : 912
تاريخ التسجيل : 23/08/2008
العمر : 41

https://maissoun.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى