مـنـتـديــات حـضـانــة مـيـســـون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عود عقلك الانتاج

2 مشترك

اذهب الى الأسفل

عود عقلك الانتاج Empty عود عقلك الانتاج

مُساهمة من طرف صفي الرحمان الخميس 6 نوفمبر 2008 - 23:05

عود عقلك الانتاج:

ملايين من الناس ينفقون العمر جامدي الذهن، مع العلم أن كل انسان متوسط الطاقة، عادي الطموح، قادر على إعمال الفكر، ولكن الماساة في أن الذين يفكرون قلائل جداً، وأقلّ منهم الأولى يحملون أنفسهم عناء التفكير لأن أكثر الناس لم يروضوا أنفسهم على هذا العمل العقلي.

أنا شخصياً مقتنع بفائدة المران في هذا الحقل. فالمخيلة الخلاقة تحتاج إلى وسائل الإنماء والصيانة كي تواصل الخلق. وقد عملت ثلاثين عاماً في أدق الحرف الفكرية: النشر والإعلان، وعلمتني اختباراتي أن المخيلة ليست موهبة، إنها تُكتسب بتعويد العقل الانتاج. ولست أكتم القارئ أني مدين بنجاحي لمخيلتي النشيطة، فبفضل الأفكار الجديدة التي أطلع بها الفينة بعد الفينة (وقد أصبح التفكير عندي عادة يومية) فرضت نفسي على الناس رجلاً ذا موهبة فذّة.

يمكنك أن تحذو حذوي وأن تبلغ شأوي أو تبزني، ولكن حذار الإفراط في كد الذهن، لئلا يصاب عقلك بالعقم. فالأفكار الجديدة تأتي بسهولة ويُسر إن أنت تركت لعقلك الحبل على الغارب. دعه يلهو بأفكار عابرة ولو لم يكن لها، في الظاهر، علاقة واضحة بالمسألة التي تشغل بالك. اطلق لميخلتك العنان دون أن تدعها تبتعد بك عن الهدف، ويحسن بك أن تستجمع أفكارك لتوجهها جميعاً نحو هذا الهدف، لقد قال ويلسون رئيس الولايات المتحدة السابق إن أكثر البشر من الحالمين. وكان مخترع الكهرباء يقضي ساعات من وقته الثمين متأملاً انسياب المياه في الجداول. واعلم أن السهوم ليس تنزيهاً للعقل ولا يشكل ترويحاً عن الذهن المكدود. فالسبيل إلى هذا وذاك هو أن تغمض عينيك وأن تسبر أغوار عقلك باحثاً عن ذكريات، لأن ذكريات ما عرفته بالأمس مضافة إلى انطباعات اليوم هي التي تولّد الأفكار الجديدة.

سئل المخترع الأشهر اديسون: (أتفكر وأنت جالس أم تؤثر وضعاً آخر هو الاضطجاع؟) فأجاب متضاحكاً: إن الأفكار تمرّ في رأسه من تلقائها، سواء كان جالساً أو واقفاً أو مضطجعاً. وروى اديسون أنه قضى ذات يوم بضع ساعات في تفكير متواصل بحثاً عن طريقة تضاعف سرعة الانتقال البرقي، فمرّت بخاطره فكرة عارضة ما لبثت أن بدلت اتجاه تفكيره، وكان الفونوغراف هو الاختراع الذي توصل إليه بعد أن تبدل الاتجاه.

ومما يساعد على التفكير أن يدوّن المرء ما يمرّ في رأسه على الورق، فالفكرة تولد الفكرة فإذا دونت فكرة ما على ورقة أمامك تتبعها ثانية فثالثة فرابعة إلى أن تمتلئ الصفحة. وكل هذا لا يصل بك إلى أغوار عقلك ولا يستنفد ما فيه من أفكار.

بيد أن هذا الأسلوب كثيراً ما يبتعد بمتبعه عما يحيط به، فلا يشعر إلا وهو يدور في حلقة مفرغة تفصلها عن عالم الواقع حواجز من الأحلام والتخيلات. وقد وجدتني أدور في هذه الحلقة أكثر من مرة، فكنت ألجم مخيلتي وأنفر إلى خارج منزلي لأجوب الشوارع متفرجاً على واجهات المخازن، مصغياً إلى ما يقال حولي، وكثيراً ما كانت الفكرة الصالحة التي بحثت عنها في عزلتي تمرّ في رأسي وأنا أبعد الناس عن التفكير.

* * *

إن الظفر بفكرة جديدة في عصرنا هذا لمن أندر الأمور. يبقى علينا والحالة هذه أن نجمع الأفكار القديمة ونتوسع في تفسيرها وتطبيقها. من ذلك ما فعله منتج شفرة الحلاقة ماركة (شيك)؛ فقد كان الرجل عاملاً في مصنع للسلاح قبل أن يصبح من منتجي شفرات الحلاقة. فاستوحى من عمله الأول فكرة تجهيز ماكنة الحلاقة (شيك) بنتاش كنتاش البندقية يقذف بالشفرة المستعملة ويحل محلها أخرى جديدة دون أن يكون ثمة حاجة للمس الشفرتين.

من أقوال اديسون التي تكرس النظرية السالفة الذكر: (العقل في عمله السلبي يكتفي بجمع التجارب والاختبارات، وفي عمله الإيجابي يعيد خلق التجارب والاختبارات).

حاول أن ترى بعيني سواك:

توفي أحدهم وخلف لأولاده الأربعة مشروعاً تجارياً يوشك أن ينهار أمام منافسة مشروعات جديدة توافرت لها مقومات البقاء وأسباب النجاح والازدهار. فجمع الولد البكر أشقاءه وقال لهم: (لا قبل لنا بالوقوف في وجه منافسينا الأقوياء على صعيد المضاربة لان رأسمالنا ضعيف، وعندي أن نجتهد في استمالة السكان بحسن تصرفنا).

ولما استزاده أشقاؤه إيضاحاً قال: (ينبغي لنا أن نغزو قلوب المستهلكين قبل جيوبهم وهذا يكون بالنظر إلى الأشياء بعيونهم بحيث نقدم إليهم ما يشتهون وبأسلوب يجعل إقبالهم على أصنافنا أمراً لا شكّ فيه).

لا جدال في صعوبة إلزام النفس بهذه القاعدة لأن حب الذات متأصل في نفوس البشر. ولم تفت أكبر الأولاد الأربعة هذه الحقيقة ولكنه ما زال بأشقائه حتى أقنعهم بصواب رأيه فجعل المشروع شعاره إرضاء الجمهور بأي ثمن واجتذابه بجودة الأصناف وحسن المعاملة، وسرعان ما ثبت أقدامه في وجه المزاحمة، وفي غضون ستة أشهر برز إلى المقدمة وتابع تقدمه مذ ذاك باطراد، كلّ هذا بفضل مخيلة أحد أصحابه وسلامة تفكيره وبعد نظره.

كان لنكولن يقول: (المقدرة كل المقدرة في أن تحيط نفسك بأكبر عدد من الأصدقاء). ومن أقوال كونفوشيوس: ان الذين لا أصدقاء لهم هم فئة من البشر لا تمكنها مصادقة الناس. أي أن من لا أصدقاء له هو المسؤول عن عزلته، فهو لا يهتم بشؤون الآخرين ويتنكب السبل المفضية إلى كسب ودهم.

كان الشاعر الصيني (وات لاد) يقول: (لي مليون صديق لأني صديق مليون بشري).
ومما يمهد أمامك سبل التفاهم والناس امتناعك عن نقد تصرفاتهم.

لا يختلف اثنان في ضرورة النقد لأن البشر بحاجة إلى مَن يقوّم ا عوجاجهم، ولكن ليس معنى هذا أن نتخذ من النقد وسيلة لتنفير الأصدقاء وإغضاب سائر مَن نتصدى لإصلاحهم من طريق النقد.

إذا شئت تقويم إعوجاج الآخرين دون أن تخسر صداقتهم فتقيد بالقواعد الآتي بيانها:
1 ـ تفادَ توجيه اللوم وإبداء الملاحظات وأنت بعد ناقم على مَن يستأهل اللوم، بل يحسن بك أن تنتظر ريثما تعود إلى حالتك الطبيعية.
2 ـ لا تنتقد بحضور ثالث مَن ترى لزوماً لانتقاده، ففي ذلك إحراج له ولك.
3 ـ قبل أن تلوم أحد مرؤوسيك أو مستخدميك حاول أن تجد في تصرفاته ما يستحق الثناء لتخفف من وقع اللوم.
4 ـ سله أولاً لِمَ تصرّف تصرفاً يستوجب اللوم، متيحاً له بسؤالك فرصة لإبداء وجهة نظره.
5 ـ كن معتدلاً في النقد.

سئل جورج واشنطن: كيف ربحت صداقة ملايين الناس؟ فأجاب: (بفضل سياستي القائمة على إرضاء أعدائي دون استرضائهم). والفرق بين الإرضاء والاسترضاء بيِّن. ففي وسعك أن ترضي امرأً ببادرة كريمة وأنت محتفظ بوقارك ومكانتك. أما إذا سلكت سبل الزلفى والتحبب فإنك تكون في موقف المسترضي الذي يضحي بكرامته في سبيل الحصول على الرضى.

وروى بنجمان فرانكلان أن أحد الناقدين في فيلادلفيا غضب عليه، وهو بعد شاب في الثالثة والعشرين. وكان خصم فرانكلان رجلاً حقوداً، يلاحق أعداءه بكراهيته ولؤمه. فقرر الشاب أن يربح صداقة خصمه اتقاء لشره، ونهج، تحقيقاً لهذا الغرض، نهجاً ما يزال دستور الرجال والنساء الذين يرغبون في النجاح.

ماذا فعل بنجمان فرانكلان؟ لم تبدر منه أية بادرة تدلّ على الضعف والتخاذل؛ أي أنه لم يعتذر إلى الرجل النافذ ولم يسعَ إلى استرضائه، بل بعث إليه بكلمة مع رفيق له يطلب كتاباً كان الخصم كثير المباهاة بإحرازه وذلك على سبيل الإعارة.. فكان لهذه البادرة تأثيرها في نفس الرجل النافذ الذي سرّه أن يتوجه إليه بهذا الطلب شاب يقدر الكتب القيمة، مما يوازي اعترافاً من فرانكلان بصحة تقدير صاحب الكتاب لثمرات الأقلام. ولم يكتفِ الرجل بإعادرة خصمه الكتاب بل حمّل الرسول رداً لطيفاً أكد فيه أنه يكون جد سعيد إذا تلطف الشاب ولبى دعوته إلى تناول الشاي.

لا شك أن بنجمان فرانكلان عرف كيف يدغدغ كبرياء الرجل النافذ دون أن يضحي هو بكرامته. ولا شك كذلك أن البشر عموماً يؤخذون بهذه المناورة أو هذا الأسلوب. فليس أحب إلى الناس من أن يكون لهم على أمثالهم بعض المنة والمعروف، فأنت عندما تطلب منهم شيئاً، في حدود الكرامة، ترفع من قدرهم (هذا ما يتوهمه مَن يتلقى الطلب) فيقبلون عليك بعد ازورار وإعراض ويكون لهم معك الشأن الذي تحب. ووراء هذا الانقلاب يكمن حب الذات أو تكمن الـ(أنا) التي يعرف الزعماء والموجهون والقادة كيف يدغدغونها عند أتباعهم، ليجعلوا منهم أدوات طيعة.

سئل موسوليني مرة: كيف غزوت قلوب أتباعك ومناصريك؟ فأجاب: (عودت نفسي النظر إلى الأمور بمنظارهم).

* * *

التهذيب هو أحد المفاتيح التي تسهل لك غزو قلوب المحيطين بك.

سألت مرة صديقي الأرجنتيني روميلو أوريانتي صاحب مخزن (ألف صنف) في بوانوس ايرس كيف توصل إلى جعل متجره الكبير قبلة أنظار الناس، فأجاب انه مدين بهذه النتيجة لتهذيب مستخدميه. وقال انه لا يستخدم في متجره إلا كلّ شاب مهذّب، رقيق الحاشية، فالزبائن يسرهم أن يحسن المتجر وفادتهم ويأسرهم لطف صاحبه ومعاونيه، لأن ليس أحبّ إلى الإنسان من أن يجد نفسه موضع التقدير وأن يشعر بأن ثمة مَن يعامله المعاملة التي يشتهي، والتي تضن عليه بها بيئته أو محيطه.
صفي الرحمان
صفي الرحمان

عدد المساهمات : 39
تاريخ التسجيل : 05/11/2008
العمر : 35

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عود عقلك الانتاج Empty رد: عود عقلك الانتاج

مُساهمة من طرف Amdj4882 الثلاثاء 18 نوفمبر 2008 - 17:12

جزاك الله ألف خير أخي، ونرحب بك معنا في المنتدى.


عود عقلك الانتاج 38357514
Amdj4882
Amdj4882
مديـر المنــتـدى
مديـر المنــتـدى

عدد المساهمات : 912
تاريخ التسجيل : 23/08/2008
العمر : 41

https://maissoun.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى